المناظرة والحجاج

قدّم الدكتور وليد مزهر- في هذا الكتاب- خطاب المناظرة في العصر الأندلسي ليكون مرآةً لتفاصيل الحياة الأندلسية وتمثلاتها عبر الحوار أو القدرة على إثبات الهوية ودحض حجة المختلف، فوقع اختيار الباحث على ثلاث نظريات في الحجاج، لكل واحدة منها مرجعياتها ومنظومتها الاصطلاحية وشكلها في التعامل مع الخطابات؛ فكانت نظرية بيرلمان وتيتكاه في (الحجاج البلاغي- المنطقي) هي الأولى بأن تتصدر مشهد التحليل، وقد يكون الانتقال الى ميشيل مايير في نظرية المساءلة أو تولمين في مخططه الحجاجي أمراً ذا أهمية، لكنّ مساحة التعامل مع ديكرو للبحث عن الحجاج في نظام اللغة، شغل الباحث لأنه سيكون عملاً هرمياً لا أفقياً. هذا العمل رهان على تجاوز حالة الاشتباك والتداخل بين النظريات التي نجدها في دراسات كثيرة انشغلت بالحجاج أو الإقناع، فاجتهد في أن يقدّم المناظرة- حجاجياً- عبر صياغة منفصلة في تحليل خطابها، معتمداً على مفاهيم النظريات ومصطلحاتها وقدرتها على أن تنظّم الحجج وتعلنها للقارئ. قد يحسب لهذا العمل أنه راهن على عدم التداخل إجرائياً بين النظريات، وإمكانية الحركة في استبدال ما لا يمكن أن يلفّق حجاجياً مثلما فعل مع نظام اللغة او الاستعارة المفهومية، والعمل في مدار الهوية والحوار، وهي مراهنة تصبُّ في مصلحة الدرس الأكاديمي وشجاعته.