الاعتراف الواقعي بالدولة غير المسلمة وآثاره في أحكام السير

من أشكل مسائل السياسة الشرعية في العصر الحديث أحكام العلائق الدولية بين الدول المسلمة وبين غيرها من دول الكفر، وأحكام تعامل الفرد المسلم من رعايا الدول غير المسلمة مع هذه الدولة التي يقطن فيها؛ حيث تعقدت هذه المسائل إلى حد كبير في ظل النظام الدولي القائم. والنظر في نوازل هذا الباب يستلزم بصراً وإدراكاً كبيرا من الفقيه بدقائق الواقع المنظور، مع معرفة بقواعد الشريعة الكلية، وفقه تحقيق مناطاتها في حالة الظرف الاستثنائي، إضافة إلى إدراكٍ لمصالح هذا الباب ومفاسده، ولرتب المصالح والمفاسد
ويأتي هذا البحث متناولا مسألة من كبرى مسائل هذا الباب بالتحرير والتأصيل؛ وهذه المسألة تعد مبدأ وأصلا تبنى عليه أحكام السير (العلائق الدولية وأحكام تعامل الفرد المسلم مع الدولة غير المسلمة) وذلك المبدأ هو مبدأ (الاعتراف الواقعي بالدولة غير المسلمة)؛ حيث يتناول دراسة هذا المصطلح ومدلوله وتأصيله شرعا، والاستدلال له بالأدلة الشرعية وبقواعد الشريعة الكلية، ثم ينتقل إلى البحث في الأحكام المترتبة على هذا المبدأ، سواء كانت أحكام علائق الدولة المسلمة، كأحكام الهدنة والمعاهدات الدولية وأمان السفراء، أو كانت أحكام تعاملات الفرد المسلم من رعايا الدولة غير المسلمة، كأحكام التجنس والمشاركة في الاستفتاء والانتخاب وتقلد المناصب العامة