إمبراطورية التنافذ نظرية في النسبية التأويلية

إننا ننشد أن يسير مشروعنا البلاغي المعرفي وفق استراتيجية متدرجة، واضحة وشاملة؛ فإذا كان كتابنا في الجهة البلاغية صياغة جديدة للصور البلاغية بناء على الأسس المعرفية للزمن والجهة، فإن كتابنا هذا، بحمد الله وقوته، يعمق النظر في القيد المعرفي الأساس المنظم لنسق تلك الصور، وهو قيد التنافذ، فنفسر ونظهر أصوله المعرفية مشتغلين على خطابات متنوعة ومتحققين من إسهامه في إغناء حياة الإنسان عبر توليده للعوالم المتعددة، لنفتح أفقا رحبا لتحيين آليات البلاغة المعرفية في الواقع السياسي والتربوي والاجتماعي والإبداعي؛ أي في منظومة الديمقراطية البلاغية.
من هنا، تجاوزنا السببية الميكانيكية (السببية العقلية) التي تحدد الأول والثاني؛ السبب والنتيجة وتغلقهما للأبد، فتحصر العالم الخارجي وتحدد معانيه مسبقا. ذلك أن أطروحة العوالم المتمايزة والمتنافذة تقود إلى تبني مقولة السببية الدائرية التي لا تتقيد بمدارات الشعور والفكر، حيث يمكن ردها إلى طبيعة العلاقات المركبة والجدلية بين الذهن والجسد والعالم، وهي علاقات أشبه بعقد فريد؛ هو فريد فقط لأنه إشكالي يعمق النظر في ذواتنا، ويؤشر على دينامية الفكر المتجدد. إنه مدار منفتح، مركب، ومتعدد بما هو ذهن بشري، وذكاء موسع ونسبي.