نوازل الأسرة بالمغرب الأقصى والأندلس خلال القرنين الخامس والسادس للهجرة 1/2

امتلك الفقهاء المالكية رصيداً هائلا من الأوضاع والتصانيف المجموعة في فقه النوازل، والفتاوى، والوثائق، وأقضية الحكام؛ مما يعكس اهتمامهم بالفقه العملي، وعنايتهم بتنزيل أحكام الفقه على واقع الناس، وحَلِّ الإشكالات التي تعترضهم في مختلف شؤون الحياة، فـأضحى انكباب الباحثين على دراسة التراث المالكي في فقه النوازل عملا مُفيدا من أجل التعرف على مناهج الفقهاء المالكية في الإفتاء، واستخراج الأصول والقواعد المعتمدة لديهم؛ في الإجابة عن مشكلات القضايا والمسائل، والنظر في سبل توظيفها في الاجتهاد الفقهي المعاصر.
ولعلّ من أبرز المسائل التي استأثرت باهتمام الفقهاء المالكية، ونالت حظا وافرا من المناقشة والتحليل في كتب النوازل، المسائل المتعلقة بفقه الأسرة، وحلّ الإشكالات والنزاعات المرتبطة بها، وهذا ما انتبه إليه الدكتور الميلود كعواس؛ فبادر إلى خوض غمار البحث في هذا الموضوع؛ معتمدا على أشهر كتب النوازل والأقضية والأحكام في المذهب المالكي، التي استخرج منها النوازل والوقائع المتعلقة بالأسرة، ثم صنفها تصنيفا موضوعيا وفق ما هو متعارف عليه في كتب الفقه، ثم درسها دراسةشاملة،قَصَد فيها الكشف عن المستندات العلمية، والمناهج الفقهية، والآليات التي اعتمدها الفقهاء في معالجة تلك الوقائع الأسرية والحكم عليها، بدءا بمرحلة التصور، ثم مرحلة الاستدلال والتأصيل، وأخيرا مرحلة التنزيل والتطبيق.
وقد حرص المؤلف في هذا الكتاب على إبراز أهم السمات والخصوصيات الحضارية التي ميّزت الأسرة المغربية والأندلسية، خلال القرنين الخامس والسادس للهجرة؛ اعتمادا على المظان المذكورة آنفا، فرسم المؤلف بذلك صورة واضحة عن بنيتها الاجتماعية وتركيبتها العمرانية، وكشف عن شبكة العلاقات الناظمة لها، وبين مراحل تكوينها، والعادات والتقاليد المصاحبة لذلك.
وقد صدر هذا الكتاب عن مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء ضمن سلسلة دراسات وأبحاث سنة 8143 هـ ـ 2017م.