هدام

بحفاوة لائقة، استقبلت الأوساط الأدبية صدور رواية (هَدَام) للروائي السعودي فهد الفهد. العمل الذي استغرق جهداً استثنائياً من الكاتب تكشف خلال الرواية الصادرة حديثاً عن دار أثر بالدمام، في 192 صفحة والتي توزعت على عدة فصول، حمل كل فصل عنواناً مقتبساً من حالة المطر التي تسود الفصل، ما بين الرش - وهو أول المطر - فالرذاذ والطل والنضح والهطل والعباب وحتى الوابل - وهو المطر الشديد-، وتنتمي هدام بهذا إلى فرع الديستوبيا الروائي، وهو الفرع الأدبي المعني بمجتمعات ما بعد الكوارث، وهي المجتمعات التي تنشأ في أعقاب كارثة طبيعية أو إنسانية وتسودها علاقات جديدة قائمة على الصراع ومحاولة البقاء في ظل ظروف صعبة تعصف بالروابط الإنسانية. أما عن اسم الرواية فتستعيره من سنة (الهدام) والتي تعرف كذلك بسنة الغرقة أو طوفان نجد الكبير والذي وقع في سنة 1376 م، وتعرضت فيه نجد لمطر مدرار لم يتوقف لمدة 58 يوماً، وتسبب في تهدم البيوت ومقتل الكثير من الناس. وبذلك تأتي الرواية الأولى للروائي السعودي فهد الفهد -مواليد 1981 م- لتتناول أحداث هدام جديد تتعرض له مدينة صحراوية حديثة، يهطل عليها المطر فجأة ويستمر لأيام طويلة بلا توقف. ونتتبع في هدام ومن خلال مسارات متعددة ومتقاطعة مصائر سكان المدينة وصراعهم للبقاء في وجه المطر الكارثي، الذي يقتحم المباني ويجرف السيارات ويفرض جغرافية جديدة وواقع جديد، يجعل الحياة في المدينة أصعب فأصعب، يضرب المدينة شلل اجتماعي واقتصادي ويسيطر عليها شبح المجاعة وتفككها الفوضى الأمنية، وبين هذا كله تتوزع قصص أبطال الرواية ومصائرهم، حيث يحاول الجميع النجاة، كما يحاولون تفسير ما يواجهونه، هل هذه نقمة إلهية أم هي نعمة؟ إلى أين ستقودهم هذه التفاسير؟ ما الذي ستقدمه لهم في مواجهة واقعهم الجديد وعلى مستوى السرد كتبت (هدام) بأسلوب متدفق مع حوارات تتوزع لتكشف أفكار الشخصيات وهمومها، كما اعتمدت على لعبة التقديم والتأخير السردي، حيث تحجب وتكشف التفاصيل للقارئ حسب تقدم الفصول وتوالي الأحداث.