التداوليات علم استعمال اللغة

التداخل والتكامل بين الحقول المعرفية (علم النفس، وعلم الإجتماع، وعلوم الإتصال، والعلوم المعرفية، والفلسفة، والمنطق، والسيميائيات، واللسانيات...) إلى إنقسام الدرس اللساني خلال النصف الثاني من القرن العشرين إلى إتجاهين كبيرين: إتجاه شكلي/ صوري يميل إلى رؤية اللغة على أنها ظاهرة عقلية، ويدرسها على أنها نظام مستقل، وإتجاه وظيفي تواصلي يرى أن اللغة ظاهرة إجتماعية، فيدرسها على هذا الأساس.

ولئن عرفت الساحة اللسانية العربية حضوراً قوياً ولافتاً للإتجاه الأول من خلال الهيمنة الكبيرة والحضور القوي للإتجاهين البنيوي والتوليدي، فإن الإتجاه الثاني، وضمنه الإتجاه التداولي، لم يحظ بالإهتمام نفسه، على الرغم من أهمية البحوث والدراسات التي تمت مراكمتها في هذا المجال.

فما التداولية إذن؟ وما موضوعها؟ وما هي أصولها؟ وما هي مفاهيمها الأساس؟ وما هي أهدافها وغاياتها؟ ومن هم أعلامها وروادها؟ وما هي آخر مستجداتها؟ وما هي علاقتها ببعض المعارف المحاقلة؟ وكيف يمكن استثمارها في مقاربة النصوص؟...

تلكم أهم الأسئلة التي يحاول نخبة من الباحثين، ممن خبروا مجال التداوليات وأسهموا فيه، الإجابة عنها، وما يزيد من أهمية البحوث المقدمة في هذا الكتاب، أن معظمها فصول من أطاريح جامعية لنيل الدكتوراه تم إنتقاءها بعناية فائقة.