القائمة
السلة

حفريات المعرفة

حفريات المعرفة
حفريات المعرفة
35 ريال
السعر بدون ضريبة : 30 ريال
السعر بنقاط المكافآت : 3000
  • التوفر: انتهى من المخزون

دور النشر لهذا الكتاب:

أصبح مفهوم الإنفصال يحتل مكانة كبرى في فروع المعرفة التاريخية.
ذلك أن التاريخ في ثوبه الكلاسيكي، كان يفترض الإنفصال المعطى، لكنه غير قابل لأن يفكر فيه: إنه يظهر في صورة أحداث مبعثرة -كالقرارات والحوادث والمبادرات والاكتشافات- وما كان ينبغي الإحاطة به عن طريق التحليل بغية إلغائه ومحوه وإقصائه كي يظهر إتصال الأحداث، أما الإنفصال فقد كان علامة التشتت الزماني الذي كانت تُلقى على عاتق المؤرخ تبعات حذفه من التاريخ.
لكنه غدا اليوم أحد العناصر الأساسية للتحليل التاريخي، وهو يلعب فيه دوراً ثلاثياً: إنه أولاً عمل مقصود للمؤرخ (ولم يعد ما تفرضه عليه رغماً عنه، المادة التي يدرسها)، أي أن على المؤرخ على الأقل، على سبيل الإفتراض المنهجي، أن يميز بين المستويات الممكنة للتحليل، والمناهج الخاصة بكل واحدة منها، والتحقيب الذي يلائمها.
كما أنه كذلك حاصل وصف يقوم به المؤرخ (ولم يبق شيئاً على التحليل التاريخي أن يستبعده ويلغيه): ذلك أن ما يسعى المؤرخ إلى كشفه هو حدود حركة من حركات التطور، ونقطة إنعراج منحنى من المنحنيات، وإنعكاس حركة منتظمة وأطراف اهتزاز من الاهتزازات وعتبة حركة من الحركات، ولحظة خلل عملية دائرية.
إنه أخيراً ذلك المفهوم الذي ما يفتأ عمل المؤرخ يحدده (بدل أن يضرب عنه صفحاً ويعتبره مجرد بياض متجانس، لا شأن له، يفصل بين شكلين إيجابيين).
يتخذ الإنفصال صورته ووظيفته النوعية حسب الميدان والمستوى اللذين نعينهما له: فلسنا نتحدث عن ذات الإنفصال عندما نصف عتبة إبستمولوجية، وتقهقر منحنى السكان، أو نصف قيام تقنية مكان أخرى.
يا لها من مفارقة تطبع مفهوم الإنفصال: فهو أداة البحث وموضوعه في الوقت نفسه، يعين حدود الحقل الذي يتولد فيه، ويسمح بتعيين تفريد الميادين، التي لا يمكننا تحديده إلا بفضل المقارنة بينهما، ولأنه في نهاية الأمر، ليس مجرد مفهوم قائم حاضر في خطاب المؤرخ، بل يفترضه هذا الأخير وينطلق ضمنياً من أنه قائم، وإلا فمن أي موقع يستطيع أن يتكلم إن لم يكن إنطلاقاً من ذلك الإنفصال الذي يمده بالتاريخ كموضوع - وبتاريخه هو؟
إن إحدى السمات المميزة للتاريخ في ثوبه الجديد، هي هذا التحول بلا شك، الذي أصاب مفهوم الإنفصال: أي إنتقاله من كونه عائقاً ليصبح ممارسة، وإندماجه في الخطاب التاريخي، حيث لم يعد يلعب دور قدر خارجي ينبغي إلغاؤه، بل صار يلعب دور مفهوم إجرائي يوظف، لذا تبدلت ملامحه ولم يبق عيباً يقلل من قيمة القراءة التاريخية (ويكون علامة على فشلها وقصورها)، بل أضحى عنصراً إيجابياً يحدد موضوع تلك القراءة ويمنح تحليلها صلاحيته

معلومات الكتاب
ترجمةسالم يفوت
عدد الصفحات192
سنة النشر1987
عدد أجزاء الكتاب1
غلاف الكتابغلاف
الطبعةالثانية

كتابة تعليق

الرجاء الدخول أو التسجيل لكي تتمكن من تقييم المنتج