المماحي

تتميز رواية المماحي لمؤلفها الفرنسي آلان روب غرييه بالوجود الملح للأشياء والديكورات التي يصفها الكاتب بدقة متناهية وبشغف كبير مبتعداً عن الشحنة الانفعالية ما يعطي معنى جديداً لكلمة واقعية في الأدب. وفقاً لما نشر بالوكالة العربية السورية للأنباء .

وبناء هذه الرواية الصادرة عن وزارة الثقافة السورية يحاكي مخطط الرواية البوليسية من عقدة وتحري لكنها إضافة لذلك تطرح أسئلة حول النوع الأدبي ومكوناته التقليدية ولاسيما وضع الشخصية ف فالاس بطل الرواية يرتكب أثناء بحثه عن ماضيه الجريمة التي كان يقوم بالتحري عنها وهي قتل الأب بحيث نرى في مصير البطل إعادة كتابة لتراجيديا أوديب ولاسيما أن القاتل الذي أقسم البطل على اكتشافه لم يكن سوى نفسه .

أما البنية الزمنية لرواية المماحي التي ترجمتها الدكتورة زبيدة القاضي فهي مجرد 24 ساعة يحاول فيها البطل اكتشاف يوم كامل محي من ذاكرته لكنه ظل محتفظاً بالكثير منه في لا وعيه ما يجعل الرواية كثيفة في تفاصيلها لكنها في الوقت ذاته مليئة بالدعابة ضمن حساسية خاصة فضلاً عما تتصف به من مهارة سردية ولغوية وبراعة في تمكين العقدة.

ويتحول العالم الروائي في المماحي إلى مجاز بواسطة شيء واحد قدم بوصفه وثيقة إثبات للجريمة وبالتالي فإن ما يبحث عنه فالاس من مخزن إلى مخزن يوازيه محي تدريجي للعقدة والشخصية لصالح وصف دقيق ومهووس بالأشياء.

ويرى النقاد أن غرييه وضع في نصه هذا أسساً جديدة لنظرية في الرواية الواقعية تختفي فيها الشخصيات التقليدية وريثة الرواية في القرن التاسع عشر وتلغى الدراسات النفسية المتعلقة بها عبر وصف منهجي للأشياء ما يزعزع ثبات التسلسل السردي المعروف للرواية ويخيب انتظار وترقب القارئء للأحداث المتلاحقة .

وعن ذلك قالت المترجمة في مقدمة الرواية ان الجوهري في هذه الرواية ليس في الأحداث وإنما في الذاكرة وبما أنها ليست رواية بوليسية تقليدية فإن العقدة فيها ليست الأهم وإنما تسكع الشخصية وقدرتها على الضياع باستمرار في مدينة لا تعرفها أو تعتقد أنها لا تعرفها .

يذكر أن الكاتب الفرنسي غرييه صاحب روايات الغيرة والعارف والخالدة زار سورية عام 2000 وأحب فندق بارون في مدينة حلب الذي استضاف شخصيات مرموقة عبر تاريخه من بينهم كاتبة الروايات البوليسية العالمية آجاتا كريستي