أساس السياسة

لم يكن هذا الكتاب معروفا لدى ثلة الباحثين والمحققين، فالمخطوطة الوحيدة المتوفرة منه اليوم محفوظة في ((مكتبة بطرسبرغ)) الروسية، وهي منسوبة في فهرسها إلى علي بن ظافر الأزدي [ ت613 هـ].
وكتاب أساس السياسة من الكتب التي تعرف بـ ((نصيحة الملوك)) أو ((أدب المرايا)) أو ((الآداب السلطانية))، جسد فيه الوزير القفطي آراءه السياسية والفكرية في صورة غير مباشرة، مازجا بين الثقافات الفارسية واليونانية والإسلامية، وهو نمط نادر في النصوص السياسية القليلة التي تأدت إلينا عبر قرون من الزمن.
 إن صاحب إنباه الرواة صنفه وهو في غمرة شبابه، حيث كان يتردد على القاضي الفاضل: عبد الرحيم بن علي البيساني (529 – 596 هـ ) والذي كان يعد بحق أمير الأدب في عصره، وهو الذي شجع القفطي وتوقع له المستقبل الخطير الذي ناله بجدارة لاحقا كما هو مشهور وهو – القاضي- من أطلق على هذا الكتاب اسم أو عنوان ((أساس السياسة)).
 لقد ألف القفطي كتابه المبتكر الأصيل هذا للملك العزيز (عثمان بن يوسف صلاح الدين الأيوبي (567-595 هـ). وكان هذا الملك من ألمع ملوك بني أيوب ، ويرى المؤرخون أنه كان يمتلك ثقافة إسلامية واسعة، ومعرفة عميقة بالحديث، وكانت الرعية تقدره كثيرا.
 عمد مؤلف الكتاب إلى أسلوب مبتكر حقا، بل لم يكن مألوفا قط، وهو أنه جعله على لسان الجاريات (أو الحظايا) وليس على لسان الحيوانات العجماوات ! وبهذا رفع في هذا الكتاب المهم من شأن المرأة العربية، خاصة فئة “الجواري” التي كان ينظر غليها نظرة احتقار (حسدا ربما !)، هذا على الرغم من أن الإسلام رفع من شأنها، كما هو معروف.
 في أساس السياسة قصص وحكايات مثيرة، متداخلة تشكل بمجموعها ثروة ثرة، يتعين على المهتمين بالفكر السياسي الإسلامي دراستها بعمق وترو..
 إضافة إلى هذا الهدف ”الاستراتيجي”، سيجد الأدباء والروائيون فيه مادة خصبة، وهذا ينسحب على أهل السينما والمسرح والتلفزة !
 صفوة الكلام : إن في هذا الكتاب الصغير الحجم، عوالم مدهشة، مبهرة لا تحددها الكلمات، أضعه بين يديك – أيها القارئ- تاركا التفصيلات لمقدمة التحقيق والحواشي.